أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 12 أغسطس 2022م : المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 12 أغسطس 2022م : المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 14 محرم 1444هـ – الموافق 12 أغسطس 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أغسطس 2022م ، للدكتور محروس حفظي : دروس من الهجرة النبوية.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أغسطس 2022م ، للدكتور محروس حفظي : المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 أغسطس 2022م ، للدكتور محروس حفظي : المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الإسلامُ حثَّ على عمارةِ المساجدِ.

(2) دورُ المساجدِ في بناءِ المجتمعاتِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة المسجد مكانته وآدابه ودوره في المجتمع ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) الإسلامُ حثَّ على عمارةِ المساجدِ:

عندمَا هاجرَ سيدُنَا رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – إلى المدينةِ كان مِن أوائلِ الأعمالِ التي قامَ بها إنشاءُ المسجدِ؛ لكي يكونَ الجامعةَ التي يتخرجُ منها الصحابةُ – رضوانُ اللهِ عليهم – ويتعلمونَ فيهِ كلَّ شيءٍ، ولِمَا لهُ مِن أهميةٍ ومكانةٍ في حياةِ الفردِ والمجتمعِ، وهي أحبُّ الأماكنِ إلى اللهِ تعالى, وأنقَى بقاعِ الأرضِ, وأطهرُ ساحاتِ الدنيَا فعنْ جُبَيْرٍ: «إِنَّ رَجُلًا قَالَ: أَيُّ الْبُلْدَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْبُلْدَانِ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ جِبْرِيلَ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ: أَنَّ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْمَسَاجِدُ وَأَبْغَضَ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْأَسْوَاقُ» (أحمد والبزار), فمِنهَا شعَّ نورُ الدعوةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ, وفيها تزكىَ الأنفسُ، وتهدأُ القلوبُ، وترتاحُ الأرواحُ, ولهذا أمرَ اللهُ – سبحانَهُ- بإقامتِهَا وعمارتِهَا على أكملِ وجهٍ فقالَ ربُّنَا:﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾، وشهدَ لأهلِهَا بالإيمانِ والصلاحِ, ووصفَهُم بوصفِ الرجولةِ فقالَ سبحانَهُ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ» (متفق عليه)، وأمرَ رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم- بتشيدِهَا والقيامِ عليها؛ لأنَّ اللهَ سيجزلُ الأجرَ والمثوبةَ لفاعلِ ذلك فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أَوْ أَصْغَرَ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» (ابن ماجه بسند صحيح)، ولنفقهْ أنَّ الحديثَ النبويَّ هنا قد جاءَ مِن بابِ “إطلاقِ الكلِّ، وإرادةِ الجزءِ”، فالمساهمُ مع غيرهِ في بناءِ مسجدٍ، والمجددُ لهُ، والمتعهدُ بصيانتهِ، ومَن أدخلَ توسعةً عليهِ يكونُ داخلًا في مضمونِ الحديثِ، ألَا فليشاركْ المتبرعُ بما يقدرُ عليهِ صغيرًا كان أو كبيرًا، مالًا أو جهدًا … إلخ .

وبناءُ المساجدِ مِن الأعمالِ التي يجرِي أجرُهَا للعبدِ بعدَ مَا ينقطعُ عملُهُ بالموتِ قال صلَّى اللهُ عليه وسلم: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وهُو فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» (رواه البزار بإسناد حسن) .

كما أمرَ نبيُّنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم-  بتنظيفِهَا مِن القاذوراتِ والأوساخِ، والعنايةِ بها، وأخبرَ أنْ مَن يقومُ على ذلك ثوابُهُ عظيمٌ، وأجرُهُ كبيرٌ حتى حرصَ رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم- على صلاةِ الجنازةِ على مَن كان يباشرُ ذلك فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ – أَوْ شَابًّا – فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا – أَوْ عَنْهُ – فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا – أَوْ أَمْرَهُ – فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» (مسلم)، والمساجدُ اليومَ يُصرَفُ عليها الأموالُ الطائلةُ، لذا يجبُ علينَا صيانتُهَا مِن كلِّ أذى أو تخريبِهَا بأيِّ وسيلةٍ كانتْ حتى ولو بالروائحِ الكريهةِ، فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى مِمَّا يتأذَّى منهُ بنو آدم، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» (مسلم)، كما نهَى أيضًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَكَلِ الثٌّومِ والبصلِ لمَن يأتي المسجدَ؛ لأنَّ رائحتَهُ تؤذِي المصلين، فعن جَابِرٍ قَالَ: قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» (متفق عليه)، أمَّا إذا تَطَهَّرَ الإنسانُ، واستطاعَ التغلبَ على هذه الرائحةِ، وأذهبهَا بأيِّ منظفٍ أو معجونٍ فإنَّه يذهبُ إلى المسجدِ؛ لأنَّ السببَ الذي مِن أجلهِ مُنِعَ مِن حضورِ المسجدِ قد زالَ، والحكمُ يدورُ مع علتهِ وجودًا وعدمًا.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) دورُ المساجدِ في بناءِ المجتمعاتِ:

إنَّ عملَ المساجدِ ليس مقصورًا على إقامةِ الصلوات، أو تلاوةِ القرآنِ أو ذكرِ اللهِ تعالى فحسب، بل هو شعلةٌ تنيرُ الأرضَ مِن حولِهَا في جميعِ المجالاتِ، وهذا ما كان معروفًا ومعمولًا بهِ على عهدِ سيدِنَا رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – فمنهُ كانتْ تُسَيَّرُ الجيوشُ، وتُعْقَدُ الاتفاقاتُ، وتُسْتقبلّ الضيوفُ والوفودُ، ويُقْضَى بينَ الخلقِ، حتى إنَّه لم يكنْ هناك أمرٌ يتمُّ خارجَ المسجدِ إلا ما ندرَ، ثم استمرَّ في أداءِ هذه المهامِ في عصرِ الخلفاءِ ومَن بعدَهُم حتى توسعَتْ الفتوحاتُ، واطلعَ المسلمون على أحوالِ الدولِ التي فتحوهَا، فأنشأوا المؤسساتِ التي تقومُ بشؤونِ الدولةِ والحكمِ والقضاءِ وغيرِهَا، وفيما يلي عرضٌ لجانبٍ مِن دورِهِ في بناءِ المجتمعاتِ:

*مكانٌ لتدارسِ القرآنِ الكريمِ وحفظهِ، وتعلُّمِ علومِهِ: كما تُقامُ فيه الدُّروسُ والمواعظُ والندواتُ والمحاضراتّ لتذكيرِ المسلمين باللهِ – تعالى- ، وحثِّهِم على الأخلاقِ الفاضلةِ، والتَّمثُّلِ بها، فينهل الناسُ مِن المساجدِ كل ما ينفعُهُم في دينهِم ودنياهُم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (مسلم)، والمساجدُ اليوم – بحمدِ الله – تبوأتْ مكانةً عاليةً، وأخذتْ حظَّهَا مِن حيثُ إنشاءِ المدارسِ القرآنيةِ، وعقدِ المقارىءِ النموذجيةِ حيثُ أقبلَ عليها المتخصصون والعامةُ، وهذا لا يخفَى على أحدٍ.

كما أنَّ المسجدَ له دورٌ توعويٌّ وتطبيقٌ في مجالاتِ الحياةِ المتنوعةِ، وله دورٌ أيضًا في المحافظةِ على القيمِ والمبادىءِ كالنظافةِ والطهارةِ قال تعالى: ﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلوا واشْرَبوا وَلا تُسْرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفينَ﴾، فيتحققُ ذلك على أرضِ الواقعِ بيتًا وطريقًا ومكانًا عامًا … إلخ، والالتزامُ بالعهودِ، واحترامُ المواعيدِ، والانضباطُ وعدمُ التفلتِ مِن الواجباتِ المنوطةِ بكلِّ فردٍ مِن أفرادِ المجتمعِ.

*المسجدُ دارٌ للإفتاءِ، وتحقيقُ الأمنِ الفكرِي: لأنَّ المساجدَ لا تخلُو مِن العلماءِ والفقهاءِ ومِن حلقاتِ العلمِ، فيقصدُهَا كلُّ مَن أرادَ أنْ يتعلَّمَ شيئًا مِن الدِّينِ، وكذلك مَن التبسَ عليه حكمٌ في مسألةٍ ما، أو أرادَ التَّفقهَ وتعلُّمَ علومِ الشَّريعةِ، ولولا حلقاتُ العلمِ التي كانتْ تُقامُ في المساجدِ لمَا وصَلَنَا الكثيرَ مٍن أمورِ الدينِ والفقهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ مَرَّ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ السُّوقِ مَا أَعْجَزَكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: ذَاكَ مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ يُقَسَّمُ وَأَنْتُمْ هَاهُنَا، أَلَا تَذْهَبُونَ فَتَأْخُذُونَ نَصِيبَكُمْ مِنْهُ؟ قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجُوا سِرَاعًا، وَوَقَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَهُمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَدْ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ فَدَخَلْنَا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ شَيْئًا يُقَسَّمُ، فَقَالَ: وَمَا رَأَيْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا؟ قَالُوا: بَلَى، رَأَيْنَا قَوْمًا يُصَلُّونَ، وَقَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَقَوْمًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَيْحَكُمْ فَذَاكَ مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ) .

كما يقومُ المسجدُ ببيانِ الأفكارِ الملوثةِ والفاسدةِ، والتياراتِ الهدامةِ التي تستهدفُ العقولَ والمعتقداتِ الدينيةَ والخلقيةَ الراسخةَ في المجتمعِ، وذلك لتحقيقِ الأمنِ العقائدِي والفكرِي لأفرادِ المجتمعِ، والبعدِ بهم عما يخلخلُ عقيدتَهُم وقيمَهَم أو يزعزعهَا، وقد صات المساجدُ – بحمدِ اللهِ اليوم-  وسيلةً مهمةً تعملُ على غرسِ العقيدةِ الصحيحةِ في نفوسِ المسلمين، والمحافظةِ على الضروراتِ الست “الدينِ، العقلِ، المالِ، العرضِ، والنفسِ، والوطنِ” مِمّا يحصنُ الشبابَ مِن التطرفِ الفكرِي والسلوكِي، كمَا أنَّها عُقدتْ بهَا مجالسٌ للإفتاءِ، ويقومُ عليها ثلةٌ مِن خيرةِ العلماءِ؛ كي يوضحُوا للناسِ ما أُشكلَ عليهم مِن الأحكامِ الشرعيةِ الصحيحةِ المبنيةِ على التيسيرِ، والبعدِ عن التشددِ والتنفيرِ، وهذا منهجٌ نبويٌّ حيثُ كان رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم – حريصًا على جمعِ الصحابةِ في المسجدِ ليعلمَهُم أمورَ دينِهِم، ويستغلَّ المواقفَ كي يُظهِرَ لهم الصوابَ، فعن أبي هريرةَ، قال: قامَ أعرابيٌّ فبالَ في المسجدِ، فتناولهُ الناسُ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «دَعُوهُ وهريقُوا على بولهِ سجلًا مِن ماءٍ، أو ذنوبًا مِن ماءٍ، فإنَّما بعثتُم ميسرين، ولم تبعثُوا معسرين» (البخاري) .

*تقويةُ أواصرِ المحبةِ والعلاقةِ بينَ أفرادِ المجتمعِ الواحدِ: يُعتبرُ المسجدُ المكانَ الذي يقوِّي الأواصرَ والرَّوابطَ بينَ الناسِ، ويحقِّقُ بينهم المساواةَ، فيجتمعُون كلّهُم على اختلافِ أعمارِهم وأشكالِهم وأصولِهِم، ويقفونَ في صفٍّ واحدٍ متماسكين، ويتفقَّدُ حاضرُهُم الغائبَ حيثُ يجتمعونَ في اليومِ واللَّيلةِ خمسَ مرَّاتٍ، ويحضرونَ كلَّ أسبوعٍ يومَ الجمعةِ، كما يجتمعون في المواسمِ المختلفةِ كما في صلاةِ العيدينِ، فيتعارفُونَ ويتزاورونَ فيما بينهم، ويتعاونونَ على البرِّ والتقوى، وتصقلُ نفوسُهُم مِن الحقدِ والحسدِ؛ إذ ركعةٌ واحدةٌ يؤديهَا المسلمون في بيتِ مِن بيوتِ اللهِ جنبًا إلى جنبٍ تغرسُ في نفوسِهِم مِن حقائقِ المساواةِ الإنسانيةِ، وموجباتِ الودِّ والأخوةِ ما لا تفعلهُ عشراتٌ مِن الكتبِ التي تدعُو إلى المساواةِ، وتتحدثُ عن فلسفةِ الإنسانِ المثالِي، ولذا حثَّ رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم – على صلاةِ الجماعةِ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (مسلم)، كما رغبَ في إعلانِ النكاحِ في المسجدِ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ» (الترمذي وابن ماجه) .

كما أنَّ الاهتمامَ بالرياضةِ البدنيةِ كان مِن الأدوارِ التي أداهَا المسجدُ في عهدِ سيدِنَا رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم -، حيث كان الأحباشُ يتبارزونَ في المسجدِ ونبيُّنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يشهدُ ذلك، ويراهُ أيضًا أزواجُهُ رضي اللهُ عنهن مِن خلفهِ فعن عَائِشَةَ: «وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، حَرِيصَةً عَلَى اللهْوِ» (مسلم) .

*المسجدُ إحدَى الوسائلِ لإعانةِ الفقراءِ والمحتاجين: فهي ملجأٌ لكلِّ ملهوفٍ، كما يفتحُ أبوابَهُ للنَّاسِ في الحروبِ والكوارثِ – الماديةِ والطبيعيةِ – ليلتجئُوا فيه، فحين تحدثُ آياتُ اللهِ – تعالى – التي ينبِّهُ اللهُ بها عبادَهُ، فإنَّهُم يهرعونَ إلى بيوتِ اللهِ للصلاةِ والاستغفارِ والدعاءِ كما يحدثُ في صلاتَيِ الكسوفِ والخسوفِ، ويقدمون الدعمَ الماديَّ أيضًا فيمَا بينهم، وهو في العصرِ الحديثِ قد أخذَ دورًا كبيرًا في إقامةِ أنشطةٍ تتعلقُ بالتكافلِ الإجتماعِي كالمستشفياتِ الملحقةِ بالمسجدِ، وبعضِ الأوقافِ لرعايةِ الأراملِ والمساكين والأيتامِ.

لقد كان رسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوزِّعُ عليهم الأموالَ والغنائمَ في المسجدِ، كما فعلَ مع فقراءِ قومِ مُضَر عندما رأى حالتَهُم، فخطبَ بالمسلمين يحثُّهُم على الصدقةِ، ثُمَّ أعطاهُم ما يكفيهِم لسدِّ حاجتِهِم فعن جَرِيرٍ قَالَ:«كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ – حَتَّى قَالَ – وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ:«مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (مسلم).

لقد كان يعلَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ أصحابَ الصفةِ كانوا فقراءَ منقطعين معهُ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – ويروونَ عنهُ، ويشهدونَ معهُ الصلواتِ ولا يتركونَهُ إلا وقتَ النومِ لذلك قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ كَافِي الْأَرْبَعَةِ» (متفق عليه) .

وهكذا نجدُ أنَّ المسجدَ في الإسلامِ لهُ دورٌ مهمٌّ وأساسيٌّ في حياةِ الناسِ؛ إذ الفردُ يحتاجُ إلى تربيةٍ إيمانيةٍ وعقليةٍ وأخلاقيةٍ واجتماعيةٍ حتى تتكاملَ جوانبُ الإنسانيةِ فيه، وتؤتِي ثمارَهَا، لذا فالمسجدُ قادرٌ على صقلِ هذه الجوانبِ دونَ أنْ يتغلبَ أحدُهَا على الآخرِ، بل يجعلَ جميعَهَا متوازنةً وقادرةً على صنعِ الإنسانِ المتوازنِ في كافةِ الجوانبِ الروحيةِ والماديةِ معًا.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يُوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »